ودعا اسم الثانى "افرايم" قائلا: "لان الله جعلني مثمرا في ارض مذلتي"

مع كل ألم ومذلة تعرض لها يوسف، كانت هناك قوة لاستثمار هذا الألم وتحويله إلى بركة وثمر وتحقيق تغيير عميق في حياته. وهكذا الرب يريد أن يجعلك تثمر حتى في أرض ألمك أو أرض مشقتك!
3- استثمار العبودية والتعرض للسخرة
عاش يوسف ثلاثة عشر عامًا تقريبًا في عبودية وسخرة، وهذا يعني أنه كان يعمل كل يوم، كل النهار، وبعض من الليل، كل الأسبوع، كل الشهر وكل السنة! لم يكن يختار متى يستريح أو يأخذ أجازه لأن هذه التعبيرات لا توجد في قاموس العبيد!! يوسف كان يعمل كل يوم بهمة ونشاط، ونجح بشكل مذهل أن يتدرب على أن يكون له قدرة فائقة على تحمل المسؤولية. أنه استثمار رائع أن ترى السخرة تتحول إلى نضوج وبناء رائع
للشخصية، وأن ترى أن العمل تحت ضغط وظروف غير جيدة وبدون مشجعات يتحول إلى قوة ضبط للذات وتعفف ومثابرة.
4- استثمار أوقات الانتظار الطويلة
"التدليل" هو الرغبة في الحصول على ما أريد الآن مهما كانت التكلفة ومهما كان هناك خطأ في التوقيت. هناك عديد من الملامح التي تشير إلى هذا الخطأ في شخصية يوسف في سنوات حياته الأولى.
كيف يصير يوسف يوماً من الأيام مسئولاً عن مصر كلها كأمة ويقودها في وقت المجاعة وهو مازال يعاني من هذا الداء وهو أنه كان طفلاً مدللاً؟
إن يد الرب العجيبة استخدمت كثير من أوقات الانتظار التي مر بها يوسف لكي يغيره ويحوله بطريقة مدهشة. في أثناء رحلة الألم تعلم يوسف كيف ينتظر لأجل كل شيء تقريبًا. عندما كان يجوع كان عليه أن ينتظر ليأكل، يأكل بعد سيده، وثانيا بعد كثير من أعمال السُخرة التي كان عليه أن يتممها مهما كانت الظروف. كان عليه أن ينتظر لكي يكون له وقت يرتاح من عناء العمل المتواصل. كان لابد أن ينتظر عندما يريد أن يتكلم أو أن يعبر عن نفسه. كان عليه أن ينتظر وينتظر.
هذا التدريب الشديد على الانتظار، جعل ملامح التدليل تتلاشى وتختفي ويظهر بدلاً منها شخصًا قويًا مطيعًا لسيده السماوي مهما كانت التكلفة، وعندما أغوته امرأة سيده فوطيفار لكي يقع في تجربة العلاقة العاطفية والجنسية معها، أعلن رفضه الشديد لهذه التجربة، وهو يقول “لا يمكن حدوث هذا الأمر، إنها الشخص الخطأ، في الوقت الخطأ، في المكان الخطأ، يمكنني أن أنتظر للرب حتى أقابل زوجتي، الشخص الصحيح، في الوقت الصحيح في المكان الصحيح، أنى أستطيع أن أنتظر!
5- استثمار الإذلال وضياع الكرامة
عاش يوسف في بيت أبيه وكان يتمتع بالمكانة الأولى بسبب محاباة وتدليل أبوه له. الاعتياد على المكانة الأولى خطر كبير على من يتبعون الرب ويخدمونه، يقول يسوع: "فإن كنت وأنا السيد والمعلم قد غسلت أرجلكم فأنتم يجب عليكم أن يغسل بعضكم أرجل بعض" (يوحنا 13: 14) وأيضاً: "ولكني أنا بينكم كالذي يخدم"
(لو 22: 27)
إن قاع البئر الذي سقط فيه يوسف كان بداية الطريق ليكون بعيدًا عن المكانة الأولى، ولكنه ظل في المسيرة في هذا الطريق حتى وصل في نهاية المطاف إلى مكان غير متوقع على الإطلاق. يوسف صار خادمًا للمسجونين في أرض مصر وهي أقل مكانة اجتماعية وأدبية على الإطلاق ممكن أن يصل اليها أنسان! هناك شواهد قوية تخبرنا أنه كان متجاوبًا مع الله وموافقا ومرحبا لهذه الحالة من الاتضاع، وقبول المكان الأخير!
Comments