د. عزت حكيم

ميلاد المسيح معجزة دائمة
إن ميلاد يسوع المسيح من العذراء مريم معجزة فاقت كل المعجزات السابقة والتالية لها وفاقت كل المعجزات التي عُرفت في التاريخ! إنها معجزة تعدت كل قوانين الطبيعة وكل قوانين العلم والمنطق. إن إمكانية أن عذراء تلد دون زرع بشرى تساوى بشكل نهائي صفر مطلق!
"أما ولادة يسوع المسيح فكانت هكذا: لما كانت مريم أمه مخطوبة ليوسف، قبل أن يجتمعا، وجدت حبلى من الروح القدس. . . وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل: "هوذا العذراء تحبل وتلد ابنا، ويدعون اسمه عمانويل" الذي تفسيره: الله معنا" (متى 1 :23)

لماذا كان هذا التدبير الإلهي:
أولا: لأن تدبير الخلاص كان يحتاج بشكل ضروري ومطلق أنساناً لا يحمل جينات الجنس البشرى الموروثة من آدم، أي جينات الخطية، لأنه كان ينبغي أن يكون بلا خطية وهكذا كان المسيح بدون زرع بشر بلا خطية البتة. "فأجاب الملاك وقال لها: الروح القدس يحل عليك، وقوة العلي تظللك، فلذلك أيضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله" (لوقا 1: 35)
ثانياً: أن العذراء مريم سألت سؤالا منطقياً يعبر عن أسئلة آلاف من الناس على مر الزمن وهم يقفون أمام أمور صعبة التحقيق بالرغم أنها بحسب مشيئة الله وقالت: "كيف يكون هذا؟" (لوقا 1 :34) فأجابها الملاك هذه الإجابة الحاسمة: "وقال لها: الروح القدس يحل عليك!" وكأنه يقول لها أن هذا الأمر المستحيل حدوثه بطريقة طبيعية لكن سيحققه الله لكي بطريقة الهية، بقوة الروح القدس، إن الروح القدس سيقوم بالمهمة، فقط آمني! "فقالت مريم: هوذا أنا أمة الرب. ليكن لي كقولك. فمضى من عندها الملاك". ثم عندما ذهبت الى مقابلة اليصابات وارتج الجنين في بطنها لأنه تلامس مع المعجزة التي في بطن العذراء، نطقت اليصابات بالروح القدس وقالت: "فطوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب!" إن معجزة الحَبَل بالمسيح صارت منبع لأطلاق المعجزات بلا نهاية!

ميلاد المسيح فتح باب المعجزات على أرضنا:
يسوع لم يأت فقط كمعجزة، ولكنه جاء ليكون مفتاح المعجزات لنا على الأرض. عندما أتى المسيح جاءت معه أبواب السماء المفتوحة علينا. جاء يسوع ليكون تحقيقاً دائماً للحلم الذي رآه يعقوب في القديم "ورأى حلما، وإذا سلم منصوبة على الأرض ورأسها يمس السماء، وهوذا ملائكة الله صاعدة ونازلة عليها. وهوذا الرب واقف عليها" - وعندما استيقظ قال: "ما أرهب هذا المكان! ما هذا إلا بيت الله، وهذا باب السماء" (تك 28: 12) وعندما كان يتكلم يسوع مع نثنائيل وقال له " قبل أن دعاك فيلبس وأنت تحت التينة، رأيتك" أندهش نثنائيل كيف عرف يسوع هذه الأمور التي لا يعرفها أحد! فقال له يسوع: "هل آمنت لأني قلت لك إني رأيتك تحت التينة؟ سوف ترى أعظم من هذا! - وقال له: الحق الحق أقول لكم: من الآن ترون السماء مفتوحة، وملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن الإنسان". في حلم يعقوب كان يقف الله على السلم، في حديث يسوع مع نثنائيل كان الله المتجسد نزل الى أرضنا!
مجيء يسوع لأرضنا كان التحقيق العملي لحلم يعقوب. صارت السماوات مفتوحة والملائكة تأخذ طلباتنا الصعبة والمستحيلة وتصعد بها الى عرش الآب ثم الملائكة تأخذ الاستجابات من العرش وتأتى بها الينا لتصير معجزات تحدث على الأرض. وصار يسوع هو عمانويل أي الله الذي معنا.

ميلاد المسيح أطلق نشاط سماوي متزايد:
كان هناك نشاط ملائكي متزايد متزامن مع أحداث الميلاد، كان هناك غزو ملائكي سماوي مدهش لأرضنا، الملائكة ظهرت للعذراء مريم، ولزكريا الكاهن أبو يوحنا المعمدان، وليوسف النجار، وملائكة ظهرت للرعاة الذين يحرسون غنمهم في البادية، واعتقادي العميق أن المزود كان ممتلئ بالملائكة وهم يشاهدون الاله العظيم وهو يولد في مزود بسيط ليعلنوا أن هذا المكان صار "القصر الرئاسي" الممتلئ بمجد وبهاء السماء.
كان هناك ايضاً انطلاقاً في الرؤى والإعلانات النبوية بعد غياب طويل دام حوالي أربعمائة سنة، فتجد حنة النبيه "وقفت تسبح الرب وتكلمت عنه مع جميع المنتظرين فداء في أورشليم” (لو 2: 36-38). وسمعان الشيخ ينطلق في التنبؤ والتسبيح ويقول: "الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام، لأن عيني قد أبصرتا خلاصك، الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب. نور إعلان للأمم، ومجدا لشعبك إسرائيل" (لو 2: 29-35)
الكون كان يعلن ابتهاجه بميلاد خالقه:
كان ملوك من الشرق (المجوس) يبحثون عن يسوع، وأرسل الكون مندوبا عنه وكان هذا النجم الساطع الذي كان يسير أمامهم ويقودهم ويسكب عليهم فرح كل الكون بميلاد يسوع: "فلما سمعوا من الملك ذهبوا. وإذا النجم الذي رأوه في المشرق يتقدمهم حتى جاء ووقف فوق، حيث كان الصبي، فلما رأوا النجم فرحوا فرحا عظيما جدا." (متى 2: 9)

وعندما ذهب يسوع الى المعمودية في نهر الأردن انفتحت السماء فعلياً وكان صوت الآب المسموع الذي يأتي الى أرضنا مباشرة ليس فقط لأجل المسيح، بل لأجل كل من يؤمن "هذا هو أبني الحبيب". إن خدمة المسيح كانت ممتلئة بالمعجزات التي قال عنها يوحنا الرسول: " وأشياء أخر كثيرة صنعها يسوع، إن كتبت واحدة واحدة، فلست أظن أن العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة" (يو21: 25) لكن تظل معجزة معجزات ميلاده أنه أعطانا النعمة عندما نؤمن به أن نصير أبناء محبوبين للآب مثله! صار يسوع "ابن الانسان" ليجعلنا "أبناء الله"

في هذا الموسم إفرح لأنه بميلاد المسيح صارت لك الحياة المعجزية وصارت لك معجزة المعجزات أنك صرت أبناً لله محبوب وغالى في المسيح، ومثل المسيح!
عندما قام يسوع من الأموات وقبل صعوده الى السماء قال لمريم المجدلية "اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم: إني أصعد إلى أبي وأبيكم!" (يو20: 17) بعدما تمم يسوع الفداء صعد الى أبيه وهو يدعونا أخوته!
من يوم ميلاده ومن خلال كل حياته، يسوع كان يترقب اللحظة التي يجعلنا فيها مثله!
Opmerkingen