top of page

غنم الذبح - - - - - - - - - - - ق. د. عزت حكيم

صورة الكاتب: Ezzat HakimEzzat Hakim

تاريخ التحديث: ٢٢ سبتمبر ٢٠٢٣

اننا من اجلك نمات كل النهار. قد حسبنا مثل غنم للذبح

عندما أمر الرب موسى بإقامة خيمة الشهادة في البرية لتصير مركز العبادة لكل الشعب، لتكون هي المَقدِس ومكان سكنى الله ومقرّ لقاؤه الخاص بهم، كان أول مكان فعلى للدخول لهذه الخيمة للمقابلة مع الله هو مذبح النحاس. ولكي تتم المقابلات مع الله من خلال هذا المذبح كانت تقدم الاف من الأغنام المعدة للذبح لتكون ذبائح مقبولة أمام الله! غنم الذبح كانت الجزء الرئيسي من العبادة داخل الخيمة.

بوابة الغنم "باب الضأن" sheep gate (نحميا 3: 1)

وكان "باب الغنم" هو البوابة الأولى التي تم ترميمها، وأعاد بناؤها رئيس الكهنة بنفسه وزملائه الكهنة وقت أعادة بناء المدينة وقت نحميا: "ثم قام الياشيب الكاهن العظيم وإخوته الكهنة وبنوا باب الغنم" (نحميا 3: 1). وهذه هي البوابة الوحيدة التي تم تكريسها وتقديسها، وكانت تسمى باب الغنم لأنها كانت مدخل الأغنام التي تدخل إلى مجمع الهيكل من أسواق الأغنام، كانت الاغنام المعدة والمجهزة تجهيز خاص لتكون ذبائح. هذه كانت أهم بوابة من بوابات مدينة أورشليم! لأنه لا يمكن أن تكون هناك عبادة حقيقية داخل الهيكل دون غنم الذبح!


"غنم الذبح" كان يشير بطريقة مطلقة لذبيحة المسيح

كانوا يعتنون جداً في تربية هذه الأغنام "غنم الذبح" وينظفونها بغسلات خاصة لكي تكون مستعدة للموت كذبيحة لأجل أن يكون هناك قبول وغفران لكل شخص يأتي الى الهيكل. لم تكن هذه الأغنام تعرف عمق الذي يحدث من خلال موتها وكانت تأكل وتشرب وتتربى أفضل تربية لكي تُسمن وتكون بلا عيب ثم تذهب ساكنة وفى خضوع للذي يجزها ويجعل دمها يسيل على المذبح ثم تحرق وتصير ذبيحة مرضية أمام الله وهي لا تدري أنها تأتى بشكل نبوي - من خلال الذي يقدمها بإيمان – تأتى بعمل ذبيحة المسيح الذي قدم نفسه بلا عيب على مذبح الجلجثة حتى قبل حدوث هذا الأمر بزمن طويل!

مكتوب عن المسيح: “كشاة تساق الى الذبح، وكنعجة صامتة امام جازيها فلم يفتح فاه" (أش 53: 7) ومكتوب عنه في انجيل يوحنا: "وفي الغد نظر يوحنا (المعمدان) يسوع مقبلا اليه، فقال: هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم!" يسوع المسيح كان التحقيق الوحيد المطلق لكل ما كانت تشير اليه ألاف من ذبائح هذه الاغنام التي قدمت على المذبح. كان هو الذبيح العظيم الوحيد الذي أكمل الفداء بسفك دمائه وعندما قال قد أكمل وأسلم الروح.

لماذا كان داود يعتبر نفسه واحداً من "غنم الذبح"!

بطريقة مدهشة عندما كان داود يمر بظروف صعبة ويشرحها في مزمور 44 ويقول " حتى سحقتنا في مكان التنانين، وغطيتنا بظل الموت" يسترسل ويقول في عدد 22 "لأننا من اجلك نمات اليوم كله. قد حسبنا مثل غنم للذبح" ويقول في بقية المزمور " لان أنفسنا منحنية الى التراب. لصقت في الارض بطوننا. قم عونا لنا وافدنا من اجل رحمتك" تكتشف أن داود فهم سر "غنم الذبح" وأنها تُحضر قوة صليب المسيح ومحبته وكفارته بسبب ايمان من يقدمها في ذلك الوقت، وكأنه كان يقول للرب "سأقدم لك كل ذبائحي المادية، ولكنى أضيف عليها ذبيحة نفسي، اعتبرني يا الله واحداً مع الغنم الذي يُذبح امامك على المذبح وأعطى لألآمي أن تكون ذبيحة مقبولة أمامك!"


لماذا اعتبر بولس نفسه واحداً من "غنم الذبح"!

يقول بولس الرسول: "وليس هكذا فقط، بل نحن الذين لنا باكورة الروح، نحن أنفسنا ايضا نئن في أنفسنا. . . من سيفصلنا عن محبة المسيح؟ اشدة ام ضيق ام اضطهاد، ام جوع، ام عري، ام خطر، ام سيف؟ ما هو مكتوب: "اننا من اجلك نمات كل النهار. قد حسبنا مثل غنم للذبح"ولكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي احبنا" (رومية 8: 23 – 37)

يقول بولس أنه بالرغم من امتلائه بالروح وانه ابن كامل في المسيح لكن لأجل تبعيته للمسيح ولأجل أن يتمم خدمته التي أؤتمن عليها فهو يمر بأوقات من الشدائد والاضطهاد والجوع وحتى العرى، وأنه تعرض لمخاطر كثيرة منها أن يُقتل بالسيف، ولكنه اعتبر نفسه غنم معد للذبح وللموت لأجل محبته للمسيح. ولكنه في كل هذا وبهذه النية للموت لأجل المسيح فهو يختبر انتصاراً عظيماً متوالياً!

اكتشف بولس الرسول قوة كلمات المسيح: "الحق الحق اقول لكم: ان لم تقع حبة الحنطة في الارض وتمت فهي تبقى وحدها. ولكن ان ماتت تأتي بثمر كثير. من يحب نفسه يهلكها، ومن يبغض نفسه في هذا العالم يحفظها الى حياة ابدية. ان كان أحد يخدمني فليتبعني، وحيث اكون انا هناك ايضا يكون خادمي" (يوحنا 12: 24) إن يسوع يدعونا لموت حبة الحنطة، ويدعونا أن نبغض أنفسنا ولا ندللها كما يعلمنا العالم، وأن نتبعه حيثما ذهب!

قدموا أجسادكم (حياتكم في الجسد) ذبيحة حية

نحن فقدنا رؤية الألم في حياتنا مع المسيح، لم نعد نحب أن نكون على شبه المسيح ونكون ذبائح مستعدة للموت على مذبح الحب، امتلأنا برفض الألم وصعوبة التضحية، صرنا نبحث بكل الطرق على ما يسمى الآن "حل مشكلة الألم" وبالرغم من قول المسيح: "الحق الحق اقول لكم: ان لم تقع حبة الحنطة في الارض وتمت فهي تبقى وحدها. ولكن ان ماتت تأتي بثمر كثير" فأننا لا زلنا نحاول لكى نجد طرق لكي نحمي حبة الحنطة من الموت داخل التربة والنتيجة الطبيعية أنك تجد الاف من حبات الحنطة التي تشعر بالوحدة والانعزال والوسائل الدفاعية الكثيرة للحماية من الذوبان في التربة لبداية الثمر!

لكن بولس الرسول وداود الملك وكثيرين في الكتاب المقدس اختلطت حياتهم بالألم لكي يعلمونا أن تكون تبعيتنا للرب ومحبتنا له ممتلئة بالرغبة بالتضحية وتحمل الالام وأن تكون حياتنا ذبيحة مقدسة للرب، وحبة حنطة تقبل الموت عن الذات وترحب به. يقول الرسول بولس: "فاطلب اليكم ايها الاخوة برأفة الله ان تقدموا اجسادكم "ذبيحة حية" مقدسة مرضية عند الله"(رومية 12: 1) أي أن نوافق أن تكون حياتنا "اننا من اجلك نمات كل النهار. قد حسبنا مثل غنم للذبح"

لا تستكثر الامك في محبة المسيح

إن كنت تمر بألآم مختلفة في هذه الفترة من حياتك ولا تعرف كيف تخرج منها بكل الوسائل المتاحة، يمكن تكون هذه فرصتك أن تأتى بذبيحة نفسك أمام الرب. تذكر ان العبادة الحقيقية أمام الرب تنتعش على تقديم ذبائح المحبة، يسوع قدم الذبيحة الوحيدة الكفارية، أما نحن فنقدم ذبائح محبتنا القلبية، كل ألم وكل اضطهاد وكل جوع وعرى، كل أهانه وكل موت نفسي وكل ضيق تمر نفسك فيه وكل احباط وحيرة، وكل ألم بسبب أشخاص أنت تحبهم وتتألم لأجلهم يمكن أن يكون ذبيحة تكرم بها الرب. لا تفقد قوة الامك لكن أجعلها ذبيحة تكرم بها من تحب، أكرم بها يسوع الذي فداك، لا تفقد فرص الموت عن الذات والموت عن شكل الحياة الطبيعي، يمكن تكون فرصتك أن تكون مثمرا للسيد الرب وأن تكون واحداً من غنم الذبح في هذا الزمن. تذكر أن غنم الذبح التي كانت تُذبح للموت في سكوت كانت دعامة العبادة في بيت الرب، وأطلاق رائحة الرضا أمام الرب وبسبب هذه الذبائح كان يستعلن مجد الذبيح الأعظم، الخروف المذبوح، في وسط شعب الرب.


قبولك الألم والموت عن الذات سيطلق حياة

أقرأ ماذا يقول الرسول بولس وأعتبره دعوة شخصية لك: "مكتئبين في كل شيء، لكن غير متضايقين. متحيرين، لكن غير يائسين. مضطهدين، لكن غير متروكين. مطروحين، لكن غير هالكين. حاملين في الجسد كل حين اماتة الرب يسوع، لكي تظهر حياة يسوع ايضا في جسدنا. لأننا نحن الاحياء نسلم دائما للموت من اجل يسوع، لكي تظهر حياة يسوع ايضا في جسدنا المائت. إذا الموت يعمل فينا، ولكن الحياة فيكم!"

إذا الموت يعمل فينا، ولكن الحياة فيكم!


يقول أحد القديسين المعاصرين: "إن يسوع يدعونا إلى حياة التلمذة الحقيقية، الحياة التي يجب أن نتمسك فيها بشدة بالإنجيل حتى نكون على استعداد للموت من أجل يسوع، أن نعيش هذا النوع من التسليم المتهور للمشيئة الإلهية، وذلك النوع من الشجاعة التي تشير إلى رغبة قوية في الحياة التي تأخذ دائما شكل الاستعداد للموت!" أنها حياة غنم الذبح.



تعليقات


bottom of page