رسالة هامة الى كنيسة اليوم

حصان طروادة
الحرب القائمة على الخداع
تروي الحكاية الأسطوريّة أن الإغريق قاموا بابتكار فكرة خادعة جداً من أجل إنهاء الحرب الطويلة التي دارت خلال حصارهم لمدينة طروادة وهم غير قادرين على هزيمتها؛ حيث صنعوا حصاناً من الخشب، أجوف الداخل، وتم ملؤه بعدد كبير من المقاتلين الإغريق، وقد تظاهر باقي ما تبقّى من جيش الإغريق بالرحيل، إلا أنهم فعلياً لم يرحلوا؛ فتظاهر الإغريق بأنهم أنهوا الحصار وغادروا المكان. وكانت سفنهم قد أبحرت فعلا لكنها توارت خلف جزيرة قريبة واختبأوا في مكانٍ ما، وفى ذلك الوقت تم وضع الحصان أمام المدينة، فقبل أهل طروادة إدخال هذا الحصان واستلامه كهدية وكعلامة على السلام بينهم وبين الإغريق، وقد اقتنع أهل طروادة بهذا الأمر بسبب جاسوس ينتمي إلى الجيش الإغريقي استطاع إدخال هذه الفكرة في رأسهم. أدخل أهالي طروادة الحصان إلى داخل مدينتهم باحتفال مهيب جداً، وقد أقاموا الاحتفالات العظيمة بسبب انتهاء الحرب، فبدوءا يسكرون ويثملون، وعندما أتى الليل كانت أحوال أهالي طروادة يرثى لها بسبب حالة السكر الشديد التي كانت تسيطر عليهم، فعندها خرج الجنود من داخل الحصان، وفتحوا المدينة من الداخل أمام جيشهم الذي كان في الخارج، وقام جيش الإغريق بذبح كلّ رجال المدينة، وسيقت النساء والأطفال كعبيد للإغريق المنتصرين. الأمر العجيب ان الانتصار الذي لم يستطع الجيش الأغريقى أن يحققه بكل ما يمتلك من قوة على مدى عشر سنوات أستطاع أن يحققه في ليلة واحدة من خلال الخداع!
هذا ويعتبر حصان طروادة الحصان الخشبي التاريخي الأكبر؛ حيث يقدّر طوله بنحو مئة وثمانية أمتار، أمّا كتلته فتبلغ حوالي ثلاثة أطنان. ولأنها قصة تاريخية لا تنسى فقد تناول فيلم من انتاج هوليوود قصّة طروادة؛ حيث أنتج هذا الفيلم في عام ألفين وأربعة من الميلاد، وحقق نسبة مشاهدة كبيرة جداً.
قصة حصان طروادة
https://mawdoo3.com/%D9%82%D8%B5%D8%A9_%D8%AD%D8%B5%D8%A7%D9%86_%D8%B7%D8%B1%D9%88%D8%A7%D8%AF%D8%A9
قصة حصان طروادة أكبر موعظة تاريخية لكنيسة اليوم. الحرب الضروس التي دامت ما يقرب من عشر سنوات بين الإغريق ومعهم أكبر جيش في عصرهم وبين مدينة طروادة المنيعة لم تحسمها القوة لكن حسمتها شدة الخداع، الكلمة الأخيرة لم تكن للمواجهة المباشرة، ولكنها كانت لنظرية الاختراق "الناعم" الخبيث.
الكنيسة مدينة قوية لأنها مدينة الملك العظيم، ولا يمكن أن تُهزَم أمام أقوى الأعداء لأنه وعد "أن أبواب الجحيم لن تقوى عليها". لكن الأمر الغريب اننا نرى مرات كثيرة أن الكنيسة تقع في هزائم "وقتية" ونندهش لماذا تُهزَم الكنيسة، أين وعد الرب أن جيوش الأعداء لا يمكن أن تهزم الكنيسة. لكننا نرى الإجابة الواضحة من خلال قصص كثيرة من الكتاب المقدس والمعبرة بطريقة رهيبة عن هذه القصة التاريخية "حصان طروادة".
هُزم يشوع أمام عاي ليس بسبب قوة مدينة عاي، لكن بسبب الاختراق الروحي الخبيث الذى صنعه العدو في صفوف جيش شعب الرب. كانت مدينة أريحا – المدينة السابقة لمدينة عاى - ممتلئة بأصنام ومذابح للعبادات الوثنية وبالذات أرواح الشهوة والرموز الذهبية الخاصة بالأوثان. أرواح الشهوة اخترقت صفوف الجيش، ووقع عاخان بن كرمي في الفخ ورحب بحصان طروادة أن يدخل الى حياته ودخلت الشهوة الى قلبه، وكانت الهزيمة المرة لشعب الرب أمام عاى المدينة الصغيرة. أسمعه وهو يقول:
خداع الشهوة يقتل

"رَأَيْتُ فِي الْغَنِيمَةِ رِدَاءً شِنْعَارِيًّا نَفِيسًا، وَمِئَتَيْ شَاقِلِ فِضَّةٍ، وَلِسَانَ ذَهَبٍ وَزْنُهُ خَمْسُونَ شَاقِلاً، فَاشْتَهَيْتُهَا وَأَخَذْتُهَا. وَهَا هِيَ مَطْمُورَةٌ فِي الأَرْضِ فِي وَسَطِ خَيْمَتِي، وَالْفِضَّةُ تَحْتَهَا" "فَقَالَ يَشُوعُ: «كَيْفَ كَدَّرْتَنَا؟ يُكَدِّرُكَ الرَّبُّ فِي هذَا الْيَوْمِ!». فَرَجَمَهُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ بِالْحِجَارَةِ وَأَحْرَقُوهُمْ بِالنَّارِ وَرَمَوْهُمْ بِالْحِجَارَةِ" (يش 7: 21)
إن الشهوة هي داء لوسيفر منذ القديم، الشهوة في أن يحصل على أكثر جداً مما عنده، وبالرغم أنه كان له الكثير من مجد الرب وكل ما كان عنده كان هبة مجانية من الله، لكنه أشتهى أن يكون له أكثر جداً الى حد أن يكون في مكانة أعلى من الله!
"كَيْفَ سَقَطْتِ مِنَ السَّمَاءِ يَا زُهَرَةُ، بِنْتَ الصُّبْحِ؟ كَيْفَ قُطِعْتَ إِلَى الأَرْضِ يَا قَاهِرَ الأُمَمِ؟ وَأَنْتَ قُلْتَ فِي قَلْبِكَ: أَصْعَدُ إِلَى السَّمَاوَاتِ. أَرْفَعُ كُرْسِيِّي فَوْقَ كَوَاكِبِ اللهِ، وَأَجْلِسُ عَلَى جَبَلِ الاجْتِمَاعِ فِي أَقَاصِي الشَّمَالِ."(أشعياء 14: 12)
" قَدِ ارْتَفَعَ قَلْبُكَ لِبَهْجَتِكَ. أَفْسَدْتَ حِكْمَتَكَ لأَجْلِ بَهَائِكَ. سَأَطْرَحُكَ إِلَى الأَرْضِ، وَأَجْعَلُكَ أَمَامَ الْمُلُوكِ لِيَنْظُرُوا إِلَيْكَ."(حزقيال 28: 13)
إن الشهوة بأبعادها المختلفة لازالت تعبر عن روح لوسيفر التي تعمل كحصان طروادة المخادع الذي يدخل خلسة كأنه هدية سلام، ولكنه محمل بجنود الأعداء الشرسين جداً الذين يخرجون في الوقت غير المناسب لكي يهدموا ويذبحوا ويهلكوا ويدمروا ويهزموا المدينة شر هزيمة لكن من خلال التسلل خلسة الى الداخل!
سنتحدث عن بعض الأشكال المختلفة من الشهوات الشريرة التي تنتمي لعالم لوسيفر ولعالم الخطية والجسد والتي تعبر عن الحياة القديمة للمؤمنين والتي تدخل متخفية كحصان طروادة الذي يدخل في الخفاء حتى يتمكن ويهزم المدينة الحصينة من الداخل من خلال الخداع.
Comments