ثم اخرجه الى خارج وقال: انظر الى السماء وعد النجوم إن استطعت

أبرام يعاني من الاحباط الشديد:
فقال ابرام: أيها السيد الرب، ماذا تعطيني وأنا ماض عقيما، ومالك بيتي هو أليعازر الدمشقي؟ وقال ابرام ايضا: إنك لم تعطني نسلا، وهوذا ابن بيتي وارث لي"
إبراهيم كان شيخاً متقدماً في الايام، وتجاوز السن بكثير حيث كان إنجاب الأطفال مع زوجته الحبيبة اقتراحًا ليس واقعيًا ابداُ، هذا كان الماُ عميقاً في القلب! - غادر وطنه طاعة لدعوة الرب، وكان يعرف أنه مبارك من قبل الرب، لكنه الآن يفكر في أن حياته قاربت على الانتهاء ومن الذي سيرث ثروته لأنه لم ينجب أبنا على الاطلاق؟ أنه خادمه الذي سيرثه، وهذا الأمر كان يشكل له إحباطاً كبيراً جداً
وهو داخل "الخيمة" وسط عتمة الليل يجتاز لحظات ممتلئة بالإحباط والإحساس العميق بالخسارة والندم على وقت مضى لم ير فيه أي استجابة من الرب. ايضاً وقت خوف ورهبة مما سيأتي به الزمن القريب! في النهاية صار هذا هو اعتقاده أنه كان له أملاً في أن ينجب، ولكن هذا الأمل صار الآن "حلماً فارغاً" لأنه في الواقع رجل عجوز ليس له ابن.
عندما يفترسك الإحباط، تجد نفسك داخل غرفة ضيقة جداً ليست من الخيام أو من الأحجار، لكن من الأفكار الحزينة والكئيبة الممتلئة بالإحساس بالخسارة وضياع الأمل وكأن كل شيء قد انتهى لأنك تصنع حساباتك بحسب الواقع الأرضي فقط لأنك لم تعد ترى الله! وهكذا كان إبراهيم. في هذه الغرفة الضيقة يأتي العدو ويملئها بمزيد من الأفكار السوداوية وكأن ليس هناك أمل في الحياة، وكثير من البشر يمتنعون فعلياً عن الحياة ويحبسون أنفسهم في غرفهم ولا يخرجون.

لا تخف:
وكانت هذه بداية كلمات الرب لإبراهيم: "لا تخف يا ابرام. انا ترس لك. اجرك كثير جدا" واشجعك أنت أيضاً أن تسمع كلمات الرب لك اليوم وهو يقول لك لا تخف لأنه هو حمايتك وترس خلاصك وبالحسابات الإلهية الرب يقول لك أن أجرك كثير جداً ولا تجعل حسابات البشر تقتل إيمانك وتحبسك في الاكتئاب. ابراهيم كان حزيناً جداً لأنه ليس لديه ابناً واحداً وليس لديه أمل في إنجاب واحد، ولكن الرب أعطاه "أمه" أي شعباً كثيراً جداً. إن حسابات الله غير حسابات البشر، وهو يستطيع كل شيء ولا يعسر عليه أمر!
أخرج . . . وعد النجوم:
صنع الرب أمراً مدهشاً مع إبراهيم، أخذ الرب إبراهيم خارج خيمته وطلب منه أن ينظر الى النجوم لأن هذا هو عدد الأحفاد التي سيحصل عليها. "ثم اخرجه الى خارج وقال: انظر الى السماء وعد النجوم إن استطعت أن تعدها. وقال له: "هكذا يكون نسلك".
وقت ليل التجارب نتصور أن السماء مظلمة بالكلية ونظل محصورين في ظلمة هذا الليل، لكن الرب يلفت نظر أبراهيم أنه يوجد أمر رائع خارج الخيمة وهو يستطيع أن يرى أمورا مضيئة وبراقة ويستطيع أن يراها بأكثر وضوح في ظلمة هذا الليل. إن الرب له رؤية عظيمة لحياتك، ولكن مناخك النفسي داخل خيمة اكتئابك لا تسمح لك أن تسمع أو ترى خطط الله العظيمة لك. الله لم يخلقك صدفة أو بطريقة عشوائية، ولكنه خلقك لأجل هدف وغاية وهو يريد أن يباركك ويريد أن يتقابل معك ويحكى معك عن هذه الأمور، لكنه يريد أن يقابلك خارج الخيمة، يريد أن يقابلك وأنت تنظر إلى السماء التي منها سيأتي رجاؤك وتعود لك آمالك.
هناك أمر هام جداً ينبغي أن تعرفه، أن غرفة الاكتئاب ممتلئة برائحة اليأس والموت أما تحت السماء وأنت تنظر الى فوق وتسمع الله وترى بريق النجوم فهو مكان ممتلئ برائحة الحياة والأمل، والفرق الأساسي بينهما هو انفتاح العينين واسترداد الإيمان!
إن "الواقع" ليس أهم عنصر في التأثير على حياتك، ولكن "كيف تنظر" الى الواقع هو الأهم جداً. هل تنظر وتقيم الواقع وأنت داخل خيمة الاكتئاب أم وأنت تنظر الى السماء وتستمع الى الله؟

فآمن بالرب فحسبه له برا:
نحن نعيش في زمن ممتلئا بالتحديات والعدو يريد ان يجردك من إيمانك ويجعلك واحداً كباقي الناس. واحدة من علامات تدخل العدو الواضحة في حياتك وأفكارك هي الإحساس العميق بالألم داخل نفسك ومشاعرك وفقدان الايمان في الله وأحياناً الرغبة في التخلص من الحياة. لكن يقول الإنجيل: "وهذه هي الغلبة التي تغلب العالم: إيماننا"(1 يوحنا 4:5)، وعندما كاد بطرس يغرق في البحر مكتوب: “ففي الحال مد يسوع يده وامسك به وقال له: يا قليل الايمان، لماذا شككت؟"، ويخبرنا يسوع أنه ستكون هناك حرباً شعواء على الإيمان في الأيام الأخيرة: "ولكن متى جاء ابن الإنسان، العله يجد الإيمان على الأرض؟"
خرج ابراهيم من الخيمة ورأى النجوم واستمع الى كلمات الرب "هكذا يكون نسلك" وآمن بما قاله الرب فصار له نسلا كنجوم السماء في الكثرة. نظر إبراهيم إلى السماء ورأى النجوم وآمن بوعد الله. أصلى أن يفعل الإيمان معك نفس الشيء الذي حدث مع إبراهيم.
النجوم تحكي قصتنا!
بالنسبة للعين غير المدربة التي تنظر إلى سماء الليل، يبدو لها أن النجوم ليس لها ترتيب أو أنها تكتلات من النجوم المتلألئة التي تم وضعها بشكل عشوائي.
لكن الحقيقة إن مواقع النجوم ليست عشوائية ابداً، فقد تم ترتيبها بدقة إلهية بالغة، وهذا أمر معروف منذ القدم أنه يمكن تقسيم النجوم في سماء الليل لدينا إلى اثني عشر مجموعة تشكل مجتمعة الأبراج الفلكية. وتجد أن اثنا عشر عددًا مثيرًا للاهتمام عندما تنتبه أنه يوجد أيضًا اثني عشر سبط تشكل مجتمعة شعب إسرائيل أولاد أبراهيم! والأمر العجيب أن كل سبط – بقيادة الهية - أتخذ شكلا معيناً من هذه الأبراج النجمية لتكون رمزا له! على سبيل المثال فأن سبط يهوذا أتخذ شكل الأسد وهو شكل برج نجمى وهكذا. (هذا الأمر مختلف تماماً عن نظرية حظك اليوم)

لذلك، بينما كان أبرام يحدق في النجوم، فهو فعلياً كان يحدق في ابنائه الاثني عشر الذين سيصيرون أسباط إسرائيل الاثني عشر الذين سينحدرون منه. لذلك، فإن النجوم لا تشير فقط إلى "كمية أو عدد" نسل أبراهيم، ولكنها تشير إلى "هوية" نسله الموعود والقصة التي سيتم سردها من خلالهم. هذه هي القصة الكبرى، قصة الإنجيل أن نسل إبراهيم سيكونون أنوار في ظلمة هذا العالم، ومنهم سيأتي الذي قال عن نفسه "أنا هو نور العالم" وعندما تكتشف أن الرسول بولس يقول في رسالة غلاطية: "فإن كنتم للمسيح، فأنتم إذا نسل إبراهيم، وحسب الموعد ورثة."، ويقول أيضاً: "وأما نحن أيها الاخوة فنظير اسحاق، اولاد الموعد"، وعندما تسمع يسوع يقول عننا "أنتم نور العالم" تفهم جيداً لماذا قال الله لإبراهيم "انظر الى السماء وعد النجوم إن استطعت أن تعدها. وقال له: "هكذا يكون نسلك".
إن كنت في المسيح فأنت واحداً من النجوم التي رآها إبراهيم من زمن طويل، ورغما عن إحباطاتك فأنت صرت – في المسيح – واحداً من نسل إبراهيم وواحداً من نجوم هذا الزمن!

رجاء أخير
مهما كان الضغط الذي على البشر وعليك في هذا الزمن، لا تحبس نفسك أبداً في غرفة اكتئابك مع أفكار العدو الحزينة، لكن أخرج وأرفع وجهك للسماء واسمع الرب يسوع وهو يقول لك أنت واحد من نجوم هذا الزمن.
Comments